العلبة دي فيها أيه؟

Friday, October 17, 2008


منذ فترة كنت أقلب بقنوات التليفزيون فصادفت برنامج عسيلي في الشارع على قناة "أو تي في" وكان يوجه سؤال للمارّة "هتعمل أيه لو كان معاك طاقية الإخفاء" طبعاً تنوعت الإجابات وإن كان البعض قالها صريحة ومن الآخر "هسرق بنك" والبعض كان مُسالم جداً فقال "مش هعمل حاجة مش عايزها" والبعض كان رده "هستخبى عشان أشوف الناس بتقول علي أيه وبتعمل أيه" .... "طاقية الإخفاء" و "قراءة الأفكار" يمكن من أكثر القدرات التي يتمنى أي شخص إمتلاكها ومن أكثر الأمور التي حيّرت العلماء وأثارت مُخيّلة الأدباء،أن تتخفي عن الآخرين وتجول في كل مكان بحرية مطلقة دون قيود تفعل ماتشاء وقتما تشاء ،طاقية الإخفاء في نظر الجميع تعني "حرية وإنطلاقه" ،وبقراءة الأفكار تكون قد امتلكت المرآة التي تغنى بها كاظم الساهر ذات مرة "ياليت بين يديّ مرآة ترى مافي قلوب الناس من أمر دفين" فمن أبرز الرغبات التي يتوق إليها قارئ الأفكار معرفة ماذا يقول الناس عنه إنطباعاتهم ،من يحبه ومن يكرهه ومن ينافقه ربما أكثر من رغبته في معرفة أسرار الآخرين فرأي الآخر هو الهاجس المسيطر على أي إنسان بالطبع عواقب الأمر ستكون وخيمة جداً لكنا كالعادة نؤمن بأن التجربة هي خير دليل..

اليوم شاهدت حلقة من برنامج "ملف الأسرار" لدكتور نبيل فاروق على قناة أعمال وكانت أيضاً الحلقة عن "طاقية الإخفاء" في بداية الأمر اندهشت "معقول ده موضوع يستاهل حلقة ده كله عل بعضه شغل أفلام وقصص" لكن الموضوع كان يستحق بالفعل فطاقية الإخفاء لم تكن يوماً "شغل أفلام فحسب" لكنّها استهلكت الكثير من فكر وجهود العلماء فاستعرض دكتور نبيل خلال الحلقة جميع الجهود والمحاولات التي بُذلت لأجل تحقيق حلم "طاقية الإخفاء".

أول المحاولات كانت "تجربة فيلادلفيا" وهنا رابط التجربة كاملة على الويكيبيديا .... بإختصار شديد التجربة تعتمد على "المجال الكهرومغناطيسي" فالجسم الذي ينبعث منه مجال كهرومغناطيسي قوي لا يعكس الضوء وبالتالي لن تتمكن العين من رؤيته ... ولكن التجربة أثبت فشلها لأنه اتضح أن للمجال الكهرومغناطيسي تأثير سلبي على العقل البشري حيث يسبب "لوثة عقلية" ...

ثاني المحاولات كانت محاولة شبيهه اعتمدت على كسر الإنعكاس الضوئي ليمر الضوء من خلال الأجسام فتصبح شفافة وغير مرئية ،وكان كلاً من السوفييت والأمريكان يعملون على الأمر، السوفييت وصلوا لنتائج سريعة مفادها أن المحاولة غير مجدية لأن النتيجة ستكون عديمة الفائدة تماماً مثل تجربة فيلادلفيا" فلن يكون أمامنا بالنهاية سوى شخص أعمى ذا شبكية شفافة يمر بها الضوء دون أن يقع عليها ،أما الأمريكان فاستمروا في تجاربهم إلى أن تأكدوا أنه من المستحيل أصلاً إتمام الأمر وتحويل خلايا الإنسان لخلايا شفافة غير مرئية.

بعد تلك المحاولات للإخفاء الفعلي انتقل العلماء إلى محاولات الإخفاء "الظاهري" أو "الخداعي"فكانت أولى المحاولات "الطائرة الشبح" : تعتمد الطائرة الشبح بالأساس على طلاء جسمها بمادة شديدة السواد - سوادها مائة بالمائة - تمتص بشكل كامل الأشعة الصادرة من الرادارات فلا تنعكس وترتد للرادار فتكشف عن وجودها ... إخفاء خداعي.

المحاولة الثانية والتي لازالت مستمرة إلى الآن كانت للمصريين - آه المصريين - وتحدث الدكتور عن توضيح حقيقة علمية هامة جداً إن المصريين "دهنوا الهوا دوكو" ... من الحقائق العلمية المعروفة أن التسخين يقلل من كثافة المادة فقام العلماء بتسخين مادة إلى أن وصلت كثافتها لكثافة الهواء ثم صنعوا منها دهان فبالتالي حين تحاول طلاء الهواء لن يتساقط الدهان بل سيظل معلقاً بالهواء .... "احنا اللي دهنا الهوا دوكو" ليست إذن مقولة عنترية ولكنها حقيقة علمية ....
كان للدهانات بعد ذلك دور رئيسي لدى المصريين في مسلكهم نحو تحقيق حلم "طاقية الإخفاء" حيث صنعوا من الدهانات مادة تُلغي إنكسارالضوء إذا طليت بها أي شئ فإنه يختفي عن الأنظار تماماً ،لكنّه يظل موجود بشكل حسي كل ماهنالك أن الضوء لا يقع عليه فلا تراه العين... ولكن إذا اقتربت منه بشدة ربما تكتشف أنه هنالك شئ هنا... هو نصر صغير لكنّه "نصر" بالنهاية وأعطى العلماء أملاً في إمكانية استكماله يوماً ولازالت المحاولات في تطور حتى الآن.

أما المحاولة الثالثة فتليق بالتقدم العلمي الذي انتهينا إليه وبمهارة توظيفة من قِبل العلماء،فمع ظهور علم الجينات تساءل العلماء ماذا لو أمكننا البحث في خلايا الكائنات الحية القادرة على التخفي ومحاكاة الطبيعة مثل الحرباء مثلاً عن الجينات المسئولة عن هذا وزرعها بكائنات أخرى ؟! وإن كانت التجربة قد تمت بالفعل إلا أنه لم يُتاح للعلماء قط إمكانية دراسة النتائج فجميع الكائنات الحية التي خضعت للتجربة ولدت "ميتة" ناهيك عن أنها كانت ذات مظهر وشكل غريب مما يؤدي إلى استنتاج نهائي بإستحالة تطبيق الأمرعلى "أنواع" متباينة. من كل تلك التجارب كانت النتيجة الوحيدة الإيجابية هي إمكانية إختراع ما يشبه "الغطاء" ليغطي الجسم المراد إخفاءه لكن ستظل بالنهاية مشكلة أخيرة أن الأجسام لازالت موجودة بشكل فعلي والإنسان على وجه الخصوص ينبض الحياة ولاتزال دماءه دافئه مما يُسهلّ من إمكانية كشفه بأبسط أجهزة الكشف.ولكن لازالت المحاولات مستمرة بشكل عام وفي جميع الأنحاء للتغلب على كافة العقبات ولازال حلم "طاقية الإخفاء" يراود العلماء فإذن كان قد تحقق في صورته "المصغرّة" فهذا يؤيد وبشدة إمكانية تحقيقه بشكل أكبر يوماً ما ...وياعالم ربما تمكن العلماء من تحقيق حلمهم هذا يوماً لنجد ذات يوم بجوارنا من يتساءل "العلبة دي فيها أيه؟" :)

انتهت الحلقة واسمتعت بها كثيراً حقيقةً على الرغم من كرهي الشديد للفيزياء والحلقة كانت مليئة بها اليوم ،إلا أن دكتور نبيل كعادته يُجيد توصيل المعلومة في أبسط صورها ،وترك بالنهاية لنا تساؤل مفتوح :
تُرى كيف سيكون العالم "بطاقية الإخفاء" ؟

2 comments:

romansy said...

ياااااااااااااااة
لو دا يكون بجد
بس بشرط يستخم فى الخير بس
هتبقى اجمل بلد واجمل عالم

La RoSe said...

رومانسي

هي أكيد يا فندم مش هتستخدم في الخير بس عشان كدة صعب تكون بجد لأن ساعتها هيبقى أسوأ بلد وأسوأ عالم :(

شكرا جزيلا يافندم لمرورك وردودك الدائمين

تحياتي